الظلم وأنواعه سبباً في كل فساد في الأرض، فإذا اختل ميزان الإصلاح بالفساد الذي يجلبه الظلم، اختل نظام الحياة كلها على الأرض، ويبدأ الاختلال ببنية الإنسان وكيانه جسداً وعقلاً وروحاً، وعرفنا كيف يصبح الإنسان ظالماً رغم أنه ولد على فطرة العدل المغروسة فيه .. إنه في كل مرة تسكت فيها عن ظلم، يعاد تشكيل دماغك وتفقد القدرة على رؤية مواطن الظلم حتى تنتكس الفطرة ولا يرى الإنسان الظلم ظلماً، وعندها يصبح أشبه بالشيطان منه للإنسان، فالساكت عن الحق شيطان أخرس.

يؤكد العلماء والباحثون الدارسون لقضية الظلم والشعور به، أنه مدمر للإنسان وصحته الجسدية والعقلية والروحية، فهو يؤدي إلى تفاقم الإعاقات والإحساس بالآلام المزمنة والاكتئاب والغضب والأفكار المدمرة وكل الأمراض المرافقة للتوتر على أجهزة الجسم المختلفة.
ومن أنواع الظلم التي تفتك بالمجتمعات وتفسد كل شيء فيها الظلم الاجتماعي والاقتصادي، والذي يبدأ ببنية اجتماعية وتركيبة مؤصلة على التعصب الجنسي أو العرقي وعنصرية مؤسساتية وطبقية اجتماعية، مما يؤدي إلى اختلال التوازن المالي والسلطوي وانعدام القدرة على التأثير الفعال في المجتمع وفي صنع القرار، مع ما يتبع ذلك من ظلم في توزيع الموارد والثروات.
ومن صور الظلم الاقتصادي في المجتمعات تفشي الربا والاحتكار وغلاء الأسعار وتسلط المال والجاه وضياع حقوق الفقراء والمساكين وأكل أموال الناس بالباطل، فينتشر الفقر والخوف على تأمين حاجيات الحياة، ويصاب الإنسان بالهم والغم والكرب والقلق والتوتر، وهكذا يصنع الإنسان المظلوم المقهور المهدور المريض نفسياً والمهيأ للفساد، وبهذا تتغير سلوكيات المجتمع شيئاً فشيئاً كرد فعل على آليات الظلم، فتنتشر السرقة والاختلاس وقبول الرشوة والخيانة والواسطة والتطفيف والخداع، وكذلك الفاحشة والبطالة والفساد الأخلاقي والاجتماعي، مما يفاقم من الظلم ويؤصله حتى يصبح طريقة حياة.