هناك الكثير من الهمهمات المختلفة بكافة انواعها،تتراقصان الأعين يمنة ويساراً في توتر مستمر، والقلم يصدر جلبة غريبة بين اصابعها، تأملت الأوراق المتساقطة من على الطاولة في حذر واكملت تنظر ألى ورقتها الخالية من الحياة….مسحت وجهها وتنهدت تنهيدة المبدع الميت…وقفت أمام النافذه، تأملت العجوز الذي يعتني بالنباتات المتهالكة كقلمها…مشت حول طاولتها، في ارتباك…بحثت بأعينها التي اصابهما الهم والغبرة…وارتسمت حولهما شباك ضيقة مقيتة…وجدت السلة مرماة على الأرض، اقتربت والتقطت بكرة خيط اصفر من بين كل البكرات الصفراء المبعثرة….سحبت الخيوط بجنون ولفتهم على اصابعها مكونة نسيج مبعثر من التشابك…التقطت نفساً طويل، وتأملت الألة الطابعة مجدداً، واقتنصت على فريستها في سرعة وذعر شديدين حتى لا تختفى افكارها الجديدة…طبعت بأناملها بأنسياب وهدوء شديدين وكأنها تحولت ألى اميرة هادئة ناعمة اغمضت عينيها لوهلة وتابعت بعدها مبتسمة وكأنها تستمع الى انغام سمفونية اعذب ان تكون من صنع الطبيعة…وكأنها تعزف لحبيب ارهقها بعده…تناقلت تلك الأنامل في حنان فوق المفاتيح، وتحولت الأحرف لديها الى رقصات لفرشات تديرهم بدقة وتناغم وحب…وفجأة توقفت…فتحت عينيها…تأملت العرس الملائكي في ورقتها…قرأتها بحذر وخوف وعادت اعينها تبحث من جديد بين الكلمات، بين الأحرف، بين الهمهمات التي تحيطها من كل صوب…قامت بشدة وهي تنظر ألى ورقتها بخوف شديد وبذعر اشد…التفتت حولها بخوف، واقتربت من المكتبة التي تملؤها الكتب المتساقطة….بحثت وبحثت…وبحثت…مسكت الكتاب العريض، وفتحت بقوة وبربكة غريبة…ألى ان وصلت الى الصفحة المنشودة….فتحت عينيها بذعر شديدين وكأنها رأت الموت بعينيها….وخذلتها قدماها من الوقوف…تحولت عينيها الى الة بحث وشفتيها ألى اصوات تنهم الكلمات نهم….حتى ارتجفت وتوقفت واغروقت عينيها بالدموع ليس حزناً…بل ذعراً……ليس مرة اخرى….ليس مرة اخرى….وقفت بصعوبة وسحبت ورقتها من الألة بعنف ممزقة نصفه…واقتربت من كتابها الملعون…وضعت الورقة بجانب الكتاب وقرأت بصوت عالٍ منتقلة عينيها بين الورقة والكتاب…نفس الكلمات، نفس الحركات…نفس علامات التوقف والتعجب…ابعدت الأثنان معاً بذعر شديد وزحفت نحو الزاوية تنظر حولها وتسمع الهمهمات تعلوا وتضحك وتسخر بشدة…اقتربت من الزاوية واحتضنت نفسها وبجانبها بكرات الخيوط الصفراء التقطت احداها ولفلفت الخيوط بعنف حول اصابعها التي بانت عليها الوهن الشديد والجروح المبعثرة…اغمضت عينيها بقوة…جالت في تفكيرها الى الخيوط، الى الهدوء الى الأصفرار، ألى النور…بدأ النور يذبل…وزاد التقاطها للهواء فأصبح صدرها يعلوا ويخفو بقوة واصبحت تسمع الهمهمات في اعماق كيانها بقوة وتناست صوت خفقان قلبها العنيف…لقد سيطروا عليها…لقد تمكنوا منها….لقد….لقد خطفوا خيوطها….الصفراء…لقد…احتلوها