[size=32]

أرجوكم تأملوها جيدا ولنتعلم ًولنتعظ سوياً

الآن دقِّقوا معى فى قول ربُّنا عز وجل حيث قال:
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ ﴾
[ سورة إبراهيم: 46 ]
تصوَّر إنساناً قويًّاً جدّاً عنده موظَّف ضعيف جدًّا، هذا الموظف ائتمر مع بعض الموظفين على الكيد لهذا المدير، أو لصاحب هذه المؤسسة، فاجتمع سرًّا و تداول و خطَّط و كتب و سمى و برمج، هذه الورقة التي كتب عليها خطَّته كانت بعد دقائق عند صاحب المؤسسة.
﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ ﴾
[ سورة إبراهيم: 46 ]
الآن هناك نقطة مهمة جداً ؛ هذه النقطة هو أن الله يعلم كل شيء، هو معكم أينما كنتم، يعلم سركم و جهركم، يعلم الجهر و يعلم ما تخفي و ما تعلن، يعلم السرَّ و أخفى- ما خفي عنك يعلمه- فإذا كنت معه و أراد خصومُك أن يكيدوا لك أو أن يأتمروا عليك أو أن يخطِّطوا لإيقاع الأذى بك، يجب أن تعلم أن الله عز وجل يعلم كلَّ مكرهم، و أن مكرهم عند الله، معنى عنده أي عليم به قال تعالى:
﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 46 ]
مكرٌ عظيم، و ربُّنا عز وجل يبيِّن حجم هذا المكرَ، عِظم هذا المكر، قال تعالى:
﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾
[ سورة إبراهيم: 46 ]
و مع ذلك:
﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ ﴾
[ سورة إبراهيم: 46 ]
كلُّ هذه الخطة، وكل هذا التشاور، و كل هذا التآمر، و كل هذا الإعداد، و كل هذا الترتيب في لمح البصر كان عند صاحب المؤسسة، وهو القوي، أما ربُّنا عز وجل - و لله المثل الأعلى - فالإنسان وهو يفكر تفكيره مكشوف، وهو يخطِّط تخطيطه مكشوف، وهو يطمح طموحه مكشوف، وهو يتمنى تمنِّياته مكشوفة، وهو يصارع نفسه و هواه صراعه مكشوف، فإذا كنت مع الله عز وجل فإن الله مطَّلع على كل خصومك، عندئذ من توفيق الله أنه يلهمك الخطة التي تبطل بها كيد خصومك، هؤلاء الذين بعضهم قال: نحبسه، و بعضهم قال: نخرجه، وبعضهم قال: نقتله، و بعضهم قال: نقتله بطريقة مأمونة، ننتخب من كل قبيلة فتى جلداً يضربونه ضربة واحدة يضيع دمُه بين القبائل، هؤلاء الذين فكَّروا و خطَّطوا و ائتمروا و فعلوا و دبَّروا غاب عنهم أن الهة بيده كل شيء، و هو مع كل شيء، و لا يعجزه شيء، و قد مرَّ بنا في اسم العزيز أن من معاني العزيز أنه يحتاجه كلُّ شيء في كل شيء، فحتى هؤلاء الذين ائتمروا على النبي عليه الصلاة و السلام حياتهم بيد الله عز وجل، لذلك إذا كنت مع الله فأنت أقوى مخلوق، لأن خصومك مهما كانوا أقوياء هم في قبضة الله أولاً، و في علم الله، و تحرُّكهم بقوة الله، في أيِّة لحظة اللهُ سبحانه و تعالى قادر أن يشلَّهم، و قادر أن يمنعهم،و قادر أن يحبط عملَهم، لذلك هذه السيرة ليست قصة تُروى، و لكن أحداث لها دلالات، و لها عبر، و لها مغزى عميق، أنت بعد ألفٍ و خمسمئة عام إذا كنت مع الله عز وجل من هو خصمُك؟ أيستطيع أحدٌ في الكون أن ينالك بأذى إلا أن يشاء اللهُ؟ إلا أن يأذن الله؟ إلا أن يسمح الله له بذلك؟ من هنا قال عليه الصلاة و السلام:
(( لا يرجو عبد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه ))
[ مسند الفردوس عن علي بن أبي طالب ]
من أطاع الله عز وجل ألهمه الله الصحيح و هو لا يدري :
[/size]