مناجاتى مع البحر


مناجاتى مع البحر 4560
وطرقت ليل هواك ذات إياب فلقد نسيت بمقلتيك كتابي

ونسيت عندك بعض أسراري فهل أفشيتها للموج بعد غيابي

ونسيت وجهي في غروبك عندما كسّرتَ والشفقُ الأسيف حرابي
فرأيتَ فيّ ملامحاً خبأتُها وقرأتَ سِفْري من وراء حجابي

وقرأتَ حزني من نقوش أناملي وسمعت نبضي من رفيف ثيابي

وحملتني يا بحر خارج كوكبي فعلقت بين حقيقتي وسرابي

ومضيت عنك بلا وداع والرؤى سكرى وسوط الأمس في أعقابي

ونسيت أغنية تردد لحنها بيني وبين الموج والأحباب

ولقد أتيت الآن إذ ناديتني وسألتني ثم انتظرت جوابي

وفتحت قلبك لي وفيه مواجع من لهفة أو جفوة وغياب

وجعلت تُسمعني المحار مردداً همساتنا في قلبك الصخاب

فعجبت كيف تجيد أشعار الهوى وعلى ضفافك هدأة المحراب

وتحلق الآمال حولك والأسى يرسو بوجهك فوق كل عباب

فسكبت بين يدي أسرار المدى وتركتني يا بحر لاستغرابي

ذكرتني الآمال ماجت بيننا وكشفت لي عن وجهها الكذاب

وحملتني في موكب الذكرى الذي يا طالما علقت به أهدابي

وأخذتني في موجة محمومة فرست بشطآن الحنين ركابي

كم كنت أشبهك انشراحاً للمنى من قبل أن يقف الغروب ببابي

والآن جئت وفي خطاي تثاقل فلقد أضعت مع السنين رغابي

قد كنت حائرة تقاتل شقوتي أملي ويقطع هدأتي إرهابي

أما وقد حيا الخريف فإنني ما عاد يرهق مقلتيّ ضبابي

فأتيت أهديك الغرام وأنثني يا بحر في عينيك حيث شبابي

بفؤاد شاعرة تعودت الأسى وخيال أنثى خلف ألف إهاب

عصفت برقتها الرياح وسُعرتْ بين الجوانح ثورة الكتّاب

قلمي ينوح من المرارة هازئاً والموج يدعو البوح للإسهاب

قد مل صوت الحبر يقطر صامتاً ومللت تأتأتي لوصف عذابي

فأتيت أشكو غربتي فشكوت لي من جبن قلب العاشق الهياب

سأقول ما أخفيته عن مهجتي وسترت في عيني عن أهدابي

فانشر حكايتنا وغن هيامنا ما عدت أخشى سطوة الحجاب

مما راق لى