ترك رجل زوجته وأولاده من أجل وطنه، قاصدا أرض معركة تدور رحاها على أطراف البلاد, وبعد انتهاء الحرب وأثناء طريق العودة أخبر الرجل أن زوجته مرضت بالجدري في غيابه، فتشوه وجهها كثيرا جراء ذلك.
تلقى الرجل الخبر بصمتٍ وحزنٍ عميقين شديدين.. وفي اليوم التالي شاهده رفاقه مغمض العينين، فرثوا لحاله وعلموا حينها أنه لم يعد يبصر.. ورافقوه إلى منزله, وأكمل بعد ذلك حياته مع زوجته وأولاده بشكل طبيعي.
وبعد ما يقارب خمسة عشر سنة توفيت زوجته، وحينها تفاجأ كل من حولهُ بأنه عاد مبصرا بشكل طبيعي.. وأدركوا أنه أغمض عينيه طيلة تلك الفترة، كي لا يجرح مشاعر زوجته عند رؤيته لها..
تلك الإغماضة لم تكن من أجل الوقوف على صورة جميلة للزوجة، وبالتالي تثبيتها في الذاكرة، والاتكاء عليها كلما لزم الأمر, لكنها من المحافظة على سلامة العلاقة الزوجية، حتى لو كلف ذلك أن نعمي عيوننا لفترة طويلة، خاصة بعد نقصان عنصر الجمال المادي، ذاكَ المعبر المفروض إلى الجمال الروحي.
ربما تكون تلك القصة من النوادر أو حتى من نسج الخيال، لكن هل منا من أغمضَ عينه قليلاً عن عيوب الآخرين وأخطائهم، كي لا يجرح مشاعرهم؟..
هناك أنشودة قديمة تقول : أحص البركات التي أعطاها الله لك، واكتبها واحدة واحدة، وستجد نفسك أكثر سعادة مما قبل..
إننا ننسى أن نشكر الله، لأننا لا نتأمل في البركات، ولا نحسب ما لدينا، ولأننا نرى المتاعب فنتذمر، ولا نرى البركات.
قال أحدهم : إننا نشكو لأن الله جعل تحت الورود أشواكا.. وكان الأجدر بنا أن نشكره، لأنه جعل فوق الشوك وردا!.
ويقول آخر : تألمت كثيراً عندما وجدت نفسي حافي القدمين.. ولكنني شكرت الله بالأكثر، حينما وجدت آخر ليس له قدمين!